لا يزال كثير من أفراد المجتمع يتأثرون بثقافة المجتمع القديمة والتي تعتبر اللجوء إلى الطبيب النفساني عيباً. وعلى الرغم من أن العيادات النفسية تتسم بسريتها إلا أن الخوف والخجل والهروب من مواجهة الاعتراف بحقيقة المرض النفسي وراء تفشي الأمراض النفسية وزيادتها وانتشارها بين الناس في مختلف الفئات.
في هذا التقرير تروي عدد من الفتيات ما يواجهنه من مشكلات وضغوط وإرهاق نفسي وتعرضهن إلى الاكتئاب النفسي دون أن يذهبن إلى الأطباء المتخصصين في المجال النفسي للعلاج.
* قلة الوعي الاجتماعي
يرى أفراد المجتمع أن الذهاب إلى عيادة نفسية يعني أن هناك مرضاً عقلياً ووفقا للدكتور محمد أبو سليمان الأخصائي النفسي أن الخجل من نظرة المحتمع يؤثر سلباً على كثير من الناس وكأن هناك فضيحة ما ستحدث. رغم أن المريض النفسي سيتعالج ويعود إلى حالته السابقة بعد تعرضه للعديد من الضغوط أما المريض العقلي فهو يستمر على حالته لوقت طويل وهي حالة صعبة وربما تكون دائمة وعسيرة. كما أن غياب الثقافة الاجتماعية وقلة الوعي بين الناس يجعل المريضة تعتقد أن النفس لا يجب لها أن تمرض نفسياً، وفي أفضل الأحوال نجد أن المريضة تذهب إلى العيادة النفسية إنما بخوف وخجل وسرية تامة لا تريد أن يشاهدها أحد أو يعلم بأمرها. وعن أكثر الأمراض انتشاراً من الناحية النفسية يقول: الإضطرابات والقلق والإكتئاب النفسي، والأمراض العصبية كالوسواس القهري، ومتلازمة بعد الصدمة، وأيضا الفصام العقلي.
* الخوف من كلام الناس
تحكي سمية قصتها مع الألم فتقول أنها منذ تزوجت وهي تتعرض للمشاكل الزوجية حتى تطلقت وأخذ منها طفلها الوحيد فأحست بالأسى والحزن الكبيرين من جراء سوء الحال المعيشي من الناحية النفسية، تقول: بدأ الضيق يتسلل إلى نفسي ويتطور شيئاً فشيئاً حتى انتهى بي الأمر إلى الشعور بالاكتئاب الذي تحول بدوره إلى مرض نفسي فانقطعت علاقتي بالجيران والصديقات وبدأت في أخذ الأدوية النفسية كالمهدئات والمنومات ومضادات الاكتئاب لأن أهلي رفضوا أن أذهب إلى الطبيب خوفاً من معرفة الناس وكلامهم عني بأنني مريضة نفسية وربما يؤثر هذا على سمعتي وانعدام فرصتي بالزواج مرة أخرى.
أما كوثر فتقول: إن معاناتها من كثير من المشكلات العائلية مع أهلها جعلها تعاني من الاكتئاب وضيق الحال والإحساس بالحزن لكن زوجها يرفض ذهابها إلى الطبيب خوفاً من شعور الناس بأنه السبب في ذلك رغم أنه ليس هو السبب فأقنعني بالذهاب إلى الشيوخ لمعالجتي بمكان آخر غير العيادات النفسية. وتستدرك حديثها قائلة: حتى أنه عندما يعرف احد نقول بأنني مصابة بالعين أو الحسد أو السحر وهذا أمر مقبول لدى من حولنا.
* اللجوء إلى التدخين والمعسلات
النظرة التي يفرضها المجتمع على المريضة النفسية والقيود التي يحكمها على من تذهب إلى الطبيب النفسي أودى بسلمى إلى اللجوء إلى التدخين وشرب الشيشة بكثرة وإفراط. تقول: كل منا يتعرض لمشكلات ما خاصة في فترة المراهقة أو الشباب وانفصالي عن الشخص الذي أحببته أوقعني في تعب نفساني شديد. لم أستطع أن أذهب إلى الطبيب لأنني أساساً لم أستطع أن أشكو لأحد مشكلتي فعلاقتي كانت سرية فما كان أمامي سوى الالتقاء بصديقاتي اللاتي كن يلتقين دوما ويتناولن السجائر والمعسل بنكهاته المختلفة للتسلية أو نسيان الهموم.
وهنا ينصح أخصائي الطب النفسي الدكتور أبو سليمان أفراد المجتمع بكل فئاته بضرورة قبول وعدم الاعتراض على مبدأ زيارة الطبيب النفسي في العيادات النفسية المنتشرة في كل مكان خاصة أن الطب النفسي قد تطور وبات العلاج النفسي ميسراً ولا يتطلب تردد المريض كثيراً على العيادة.
ويشدد على أهمية عرض المريضة لحالتها لنفسية على الطبيب أو الطبيبة النفسية حتى لا تتفاقم المشكلة ويؤدي الأمر إلى صعوبة العلاج ونفور المريض من مجتمعه ومن ثم لا سمح الله إلى الانتحار.