رحلة ساركوزي بين أحلام الطفولة البائسة وقصر الإليزيه
حين قال له أبوه متهكما: »أنت لن تفلح في فرنسا أبداً«!
يبدو أن تقديرات والد الفتى نيكولا ساركوزي لم تكن صائبة ولا موفقة عندما خاطب ابنه قائلا ذات يوم إثر حصول الصبي على نتائج متوسطة في المدرسة لم تنل رضا الأب المتسلط الثري: »مع هذا الاسم الذي تحمله وهذه النتائج التي تنالها، فإنك لن تفلح في فرنسا أبدا«.
بالتأكيد لم يكن ذلك الأب المجري المنفي إلى فرنسا، بال ساركوزي، عندما خاطب ابنه نيكولا بأنه عليه أن يخفض من سقف طموحاته، ليعلم بأن كلماته تلك ستولد في نفس الطفل الصغير تصميما سيوصله ذات يوم إلى قصر الإليزيه ليصبح الرئيس المنتخب لفرنسا.
صحيفة الديلي تلغراف كما سائر الصحف البريطانية الأخرى، خصصت مساحات واسعة لرصد فوز ساركوزي برئاسة فرنسا بالتغطية الإخبارية المفصلة والمزيد من النقد والتحليل.
فبالإضافة إلى العنوان على صفحتها الأولى عن »ساركوزي الفائز يعد بثورة فرنسية«، خصصت الديلي تلغراف كامل صفحات النقد والتحليل.
ففي تقرير مفصل لمراسلها في باريس، هنري صاموئيل، ترصد الديلي تلغراف تفاصيل رحلة ساركوزي بين عذاب وحلم الطفولة البائسة وتتويج الحلم الطويل بوقوفه مبتهجا شاكرا بين حشد من أنصاره وقد راحوا يهتفون ويرقصون فرحا بإعلان فوزه بانتخابات الرئاسة الفرنسية.
يأخذنا تقرير صاموئيل إلى اللحظات التي قرر فيها الأب الثري بال ساركوزي أن يهجر ابنه نيكولا البالغ من العمر أربع سنوات فقط، إلى جانب أخويه الآخرين فرانسوا وجيلوم ووالدتهم التي فشلت في إقناع القاضي أن يجبر زوجها على تقديم أي إعالة لأبنائه بعد أن قال للمحكمة إنه لا يملك شرو نقير، وإن غادر المحكمة بعدها راكبا سيارته الليموزين!
ساركوزي يكره أباه
ربما يكون كرهه لأبيه، الذي طالما حاول الحط من قدره وتخلى عنه وعن عائلته في أحلك الأيام ، هو الذي علم الفتى نيكولا أن »الخوف من الغد، إن لم يود بك إلى الشلل، هو الذي يدفعك أن تعمل أكثر من الآخرين«.
تنقل الصحيفة عن ساركوزي قوله لمؤلف كتاب سيرته الذاتية: »لكي تخرج من دائرة الخوف هذه، فعليك أن تزيل العقبات من أمامك وأن تكافح وتكافح«.
على الصفحة المقابلة من الصحيفة تطالعنا صورة منافسة ساركوزي سيغولين روايال، وقد علا ثغرها ابتسامة شاحبة وهي تقر بهزيمتها وتعلن خططها لمواصلة القتال من أجل تحقيق الفوز في الانتخابات المقبلة.
عناوين كثيرة ومتنوعة توزعت على صحف الاثنين الماضي تمحورت كلها حول نتائج الانتخابات الفرنسية، نقرأ منها: في التايمز:
»فرنسا تصوت بشكل حاسم لساركوزي وللتغيير«.
»ستكون هناك رئاسة جديدة تتميز بأسلوب الضبط المباشر للأمور وإن بشيء من الألم« في الغارديان.
»الجماهير المبتهجة تكيل المديح لنصر ساركوزي«.
»ساركوزي، رجل أحلام الناخبين وكوابيسهم، يعتلي العرش« »البؤساء: وضع فرنسا البائس« في الفايننشال تايمز: »ساركوزي يفوز بشكل ساحق بالسلطة في فرنسا« وفي الاندبندنت نقرأ: »وجها ساركوزي«
يتحدث مقال الإندبندنت، الذي جاء عنوانه على كامل الصفحة الأولى للصحيفة مع صورتين مختلفتين لساركوزي.
في الوجه الأول يظهر ساركوزي كوزير اتهم بتقسيم فرنسا بخطابه المتشدد، بينما يظهر في الوجه الآخر كيف أنه استطاع رغم تشدده أن يخلف جاك شيراك في سدة الرئاسة الفرنسية.