قراصنة الكمبيوتر يتحدثون !
تحقيق: علي العنزي - -
20/06/1429هـفي الحلقة الثانية من سلسلة تحقيقات "
الاقتصادية" لفتح ملف المتعدين على حقوق الملكية الفكرية وسارقي جهود المبدعين، تكشف لنا جملة من المخالفات التي تدور في أروقة سوق الكمبيوتر في الرياض التي أصبحت معقلا لبيع البرمجيات "المقرصنة"، حيث تبين أن 60 في المائة من مرتادي "حراج الكمبيوتر" في شار ع العليا العام يأتونه أما لإصلاح أجهزتهم وتحميلها بالبرامج ـ منسوخة وغير منسوخة ـ أو بهدف الحصول على CD "مقرصن"، وهو ما يعني أن ظاهرة التعدي على حقوق الملكية الفكرية هي التجارة الأكثر رواجا في هذا المكان والمستفيد الأول والأخير منها هؤلاء الباحثون عن الربح المادي السريع الناتج عن سرقة جهود المبدعين دون احترام للأنظمة والقوانين التي تجرم هذا العمل.
كشف عدد من المهتمين سوق بتقنية المعلومات، عن وجود بعض من أصحاب متاجر بيع برامج الكمبيوتر التي تقع ضمن إطار أسواق الكمبيوتر والمتضررة من أعمال القرصنة، عملوا على عقد اتفاقيات مع "قراصنة" البرامج للعمل سويا في بيع البرامج المنسوخة للاستفادة من هذه السوق الرائجة من خلال تقديم جميع الإمكانات لهم من وسائل نسخ وغيرها.
ويعد هذا التوجه إشارة تدعو للتخوف من سيطرة"القراصنة" على سوق برامج الكمبيوتر الأصلية، حيث دفعت الخسائر المالية أصحاب تلك المحال للانجرار وراء العمل المخالف بقية تعويض حالة الركود التي تشهدها محالهم بسبب القرصنة وتعويض جزء من خسائرهم.
هناك الكثير مما تخفيه نظرات الشك والخوف والتوجس التي تشع من عيون هؤلاء "القراصنة" تجاه من يكثر في السؤال أو يطيل الحديث معهم، إلى التفاصيل:
"القراصنة" يتحدثون
أمام إحدى الطاولات "البسطات" التي كانت مملوءة بالبرامج المنسوخة فوق أحد الأرصفة داخل السوق كان هناك شاب (سعودي) في الثلاثينيات من عمره، وعندما اقتربنا منه وسألناه عن سبب امتهانه هذا العمل المخالف للأنظمة، رد بقوله: "قبل محاسبتنا نحن الباعة أو محاسبة المستخدم النهائي على سبب اتجاهه إلى شراء البرامج المنسوخة يجب الإجابة عن عدة أسئلة مهمة من قبل الشركات المنتجة.
ولخص الشاب ـ الذي طلب عدم ذكر اسمه ـ أسئلته للشركات المنتجة بالقول: لماذا مع هذا التقدم التكنولوجي الهائل في مجالات البرمجة لم تستطع شركات إنتاج البرامج تلك أن تحافظ على برامجها من النسخ؟ ولماذا يتم طرح نسخ "بيتا" من البرامج كافة لاختبارها عدة مرات ثم ينزل المنتج النهائي إلى الأسواق ويتضح أنه مازال بحاجة لمزيد من التعديلات عن طريق إصدار Service Packs أو حتى تحديث كل يومين؟ وما تكلفة التطوير في الشركة المنتجة للبرامح، وما نسبة تحميلها للمستخدم النهائي؟ ولماذا تقوم الشركات المنتجة للبرامج بهذه الأسعار الخيالية بإنتاج نسخة جديدة كل عام أو عامين وتضيف إليها تعديلات تجعل المستخدم النهائي عاجزا عن مواصلة استخدامه لنسخته القديمة (الأصلية) وبالتالي إجباره على شراء النسخة الجديدة؟
وذكر الشاب الذي اعتبر نفسه مستخدما ومبرمجا للكمبيوتر منذ عدة سنوات أن بعض الدراسات التي نشرت في الولايات المتحدة أخيرا، وجدت أن الشركات الكبرى المنتجة للبرامج تستفيد فعليا من القرصنة عند نزول برنامج جديد للأسواق لأنه فعليا يعني انتشاره ومن ثم الاعتماد والاعتياد عليه بصفة دائمة من قبل المستخدم ثم تقوم تلك الشركات بإصدار تحديث على الإنترنت لإبطال عمل برامج الاختراقات للمنتج الأصلي كما حدث مع برنامج Vista، فإذا كانت التقنية لمنع الاختراق والنسخ موجودة (وهي بالفعل موجودة) فلماذا لا تقوم تلك الشركات الجبارة باستخدامها؟
البرامج الأصلية في ركود؟
أما عن رأي أصحاب محال بيع البرامج الأصلية في سوق الكمبيوتر، فإن لسان حالهم يقول: "إلى متى هذا الركود وتحقيق الخسائر الباهظة؟"، فهم يشكون من تراكم البرامج الأصلية في محالهم وعدم رواجها بسبب بيع المنسوخ منها بأسعار أقل بكثير على الأرصفة خارج المحال.
ويقول سمير عبد السلام ـ بائع في محل للكمبيوتر ـ إن نحو 60 في المائة من مرتادي "حراج الكمبيوتر" في شار ع العليا العام يأتونه أما بهد إصلاح أجهزتهم وتحميلها بالبرامج ـ منسوخة وغير منسوخة ـ أو بهدف الحصول على "سيديهات" مضروبة وهو ما يعني أن ظاهرة التعدي على حقوق الملكية الفكرية هي التجارة الأكثر رواجا في هذا المكان وأكثر المستفيدين هؤلاء الباحثون عن الربح المادي السريع الناتج عن سرقة جهود المبدعين دون احترام للأنظمة والقوانين التي تجرم هذا العمل.
وأكد سمير أنه توجد في هذه السوق ـ حراج الكمبيوتر في العليا ـ أعداد من أولئك القراصنة الذين يبيعون نسخا لأحدث البرامج التي طرحت في السوق من خلال تجولهم بين ممرات السوق وشوارعها الرئيسة وإيقافهم صاحب السيارة التي تدلف إلى السوق وعرض البرامج عليه عن طريق كتيبات "كتالوجات" مطبوعة بأسماء البرامج العربية والإنجليزية بأسعار زهيدة جدا لا تتجاوز 30 ريالا كحد أقصى، متسائلا: لا أعلم من أين يأتون بهذه البرامج الحديثة، وكيف يحصلون عليها بهذه السرعة؟
اتفاق بين "القراصنة" وأصحاب المحال
أما عبد الرحمن ـ بائع في محل لبيع البرامج وأجهزة الكمبيوتر ـ فهو يقول: "إن المشكلة الكبيرة هي نسخهم لهذا الكم الهائل من البرامج وبيعها بأسعار رخيصة جدا مقارنة بالبرامج الأصلية، ناهيك عن أن هذه البرامج قد تحمل بين طياتها فيروسات قد تدمر الأجهزة بالكامل.
وأكد عبد الرحمن أنه يلاحظ وجود بعض الجولات التفتيشية تقوم بها الجهات المعنية على المحال والعمالة بين فترة وأخرى، لكنه قال: إن هذه الجولات عادة ما تنتهي بمصادرة كميات قليلة من البرامج المنسوخة في حين يفر معظم هؤلاء المخالفين من الموقع ويختفون عن الأنظار ساعات ومن ثم يعودون لممارسة نشاطهم في اليوم التالي.
ولم يستبعد عبد الرحمن وجود بعض المحال الموجودة في السوق لديها اتفاقيات مع أولئك القراصنة للعمل معا في بيع البرامج المنسوخة لحساب أصحاب المحال وتقديم جميع الإمكانات لهم، وذلك من باب تعويض حالية الركود التي تشهدها سوق البرامج الأصلية مما تسبب لهم في خسائر كبيرة.