ابوعبدالله يعود بنجوميه رائعه00

** عبد المجيد عبدالله أوعصفور الفن كما سموه ذات إعجاب.. حين يُفكر في العودة لجادّة القمّـة فإنه يعود بكل أريحية وأناقة، يُجيد اختيار النصّ واللحن، لأن الصوت الشجي والعذب (مفروغ منه ـ من وجهة نظر خاصة طبعاً).
** أزعم أنه منذ زمن لايسابق أحداً، يتركهم لأساطير الحصاد وكثرة الألبومات ويمتهن الغياب، وإذا أصرّ على العودة فإنه يُشكل منعطفاً مهماً، ويُعيد ترتيب أوراق الساحة الفنية، المجيد يختصر مسافات طويلة ويطوي أعمالاً عديدة ليستقر في المكانة اللائقة به.
** في ألبومة الجديد (مليون خاطر) جدّف طولاً وعرضاً وسط أمواج المشاعر بكافة أنواعها وعبر بجودة الأداء والتوزيع الموسيقي (كما أزعم) إلى شواطيء القلوب وموانيء الأفئدة.. وأجزم أن المُلحن (سهم) نقش اسمه ووعيه في خارطة التلحين الخليجي بشكلٍ يوحي بوجود ترانيم متألقه متأنقة أسهمت بإقتدار في عودة عبدالمجيد بعد غيبة ليس لها ما يُبررها سوى الكسل رغم أدوات النجاح التي يرتكز عليها.
** (مرتاح) لوحدها أشعلت قناديل العودة في الكلمة والنغمة والتوزيع والأداء.. وبالتالي صفق وأشاد به البشر واستنطق الشجر ولفت انتباه القمر!! ** مرتاح والاّ .. يتصنّع قلبك الراحـة
شايل فـ خاطرك والاّ .. البال متهني؟
مجروح والاّ .. شفا قلبك من جراحـة
زعلان لـ الحين والاّ .. راضيٍ عـنّـي ؟
** تساؤلات متناغمة، متنافرة، مترادفة، متزاحمة.. تتعارض مع الأمنيـة وتستجدي القبول!! بهذا النص للشاعر البديع سعود البابطين بإمكاني القول : أنه أعاد (عصفور الفن) إلى عشّـه ليُغرّد من جديد بالطريقة المُثلى المعروفة عنه.
** بل إنه استطاع أن يرجّ العديد من القناعات التواجدية والظروف المُستعصية ويُرتبها من (أول وجديد) لـ يُعلن هذا الفنان الجميل عودته إلى مكانته الفنية كأفضل صوت يُتقن (مُخاطبة العاطفة) ونقش الحالات الخفيّـة لإشكالات العاشقين ممّن يتكاثرون همسـاً بين الخجل والغزل.. بين الفتنة والفطنـة .. بين الرغبة والرهبة!
** شخبار قلبك .. عسى ما فارق أفـراحـة
أدري جرحتك .. وشلت بخاطرك منّـي!
خسران بعدك .. وقلبي ضاعت أرباحـة
غلطان أدري .. وأبي منّـك تسامحـنـي!
** برغم يقين الخطيئة والاعتراف بها علناً فلايزال الأمل حيّاً يرزق تحت ذريعة، فطالما تُحب فمجبور تسامح!!.. فالوحدة هي إعلان صريح للضياع وقسوة الحرمان وعناده.. ولن يكون هناك أكثر ما يُقلق المُحب ويقضّ سكونه وهدوءه من موت الإحساس داخله.
** في لحظة وجع متوحدة، انفعالية قدّ تفتح أبواب الاضطراب حدّ التهوّر، وهو مايجعله يعترف ويُذعن ويطلب السماح مهما كلّفـه الأمر فالخسارة من أربع جهات رُبما مقبولة.. ولكن جهة القلب يُفترض أن يكون مؤشرها (أخضـر) دائماً!
** تدري عيوني بـ غيابك ماهي مرتاحـة
تبكي على فراق (طيفك) وأنت ذابحنـي!
ياللي ذبحني (غلا) شكراً.. على رماحـة
إللي طعنّـي بها.. مـا يوم ريّـحـني!
** حالة فوضى خاصة لايعرف أسرارها سوى من عاشها.. ولعل اقتراف الوصف والتعبير تختلف من مُحب إلى عاشق إلى مُتيّم وهكذا تبدأ شروحات الزمن الغافي بسبب القطيعة والبُعد.
** هل قلت لكم: أن الرماح والسهام وتوالي الطعون لدرجة الذبح هي أسلحة بيضاء لاتوجد سوى في مشاعر (العاشقين)؟!
** حقيقة أخرى تقول: ليس كل ما يُعرف يقال !! فاختلاف الأماني البيض تُنبيء دوماً بمشاهدات مُختلفة لن يكون آخرها البكاء بسبب غياب حلم آخر.. وحزن باذخ في تفاصيله!
** جيتك من الشوق.. والأشواق ذبّـاحـة
أسأل عيونك: عسى لـ الحين تذكرني؟!
راضي بجرحك.. وأنا ما أتصنّع الراحـة
تكفى عشاني!! .. أبي ترجـع وتسمعني!
** حضور من غياهب الغيبة، الوحدة .. واعتراف صارخ بأن (اللهفة) تبدو كافية للعودة وفتح مساحة بيضاء.. ففي الغالب لايُمكن لأحد احتمال القطيعة لدوافع بالإمكان معالجتها حين تغيب المُكابرة.. وهذا ما يجعل من النص مماحكة حقيقية تمسّ أطيافاً من التجارب الحياتية.
** أقول: كلٍ يغني على ليلاه يا سعود البابطين فالحالات التصويرية للعديد من المقاطع والمشاهدات تبدو أفضل من اعترافات أصحابها .. والخيال أولاً ثُم النوتة والمقام مع التوزيع الموسيقي الجيّد والصوت العذب تبدو كافية جداً جداً .. لتدوين اعترافات الزمن المقبل.
** في الختام: لامانع من القول بأن هذا النصّ الغنائي يُمثـل أهمية جديرة بالاهتمام لجيلٍ مُعجب بهذا الطرح الواقعي في التصوير والسرد البليغ، بل ومن نافلة القول أيضاً: أن الأغنيـة بحدّ ذاتها تُحرّض جيلاً بأكملة على الالتصاق بها رُبما لسنوات مقبلة لما لها من خصائص مغرية على الحفظ الكامل في تجاويف العقل.. بينما بقية أرجاء الجسم سيكون لديها وظائف أخرى هي متروكة كوليدة اللحظة الطربية والنغمة اللحنيـة والصوت الحسين.. لـ فنانٍ غاب طويلاً ولكنه حضر بوهجٍ مختلف.

سلمت يداك على ما ابدعت

يعطيك الف عاااافية يالغلا

ماننحرم من مواضيعك